الاتصال والتواصل بين الموظفين والإدارة على اختلاف المستويات من الأمور ا لهامة التي تخص بيئة العمل.
إنني أعتقد أن عدم وجود التواصل الصحيح والصريح هو العائق الأكبر في سبيل تطوير أداء أي مؤسسة، كيف هذا؟ لنفصل الأمر قليلاً، تصوروا معي أن مديراً يغلق الباب على نفسه، ويمنع أي نوع من التواصل المباشر بينه وبين الموظفين الواقعين تحت أمرته، وعندما يدخل إلى المؤسسة فإنه يتوجه مباشرة إلى مكتبه من غير سلام أو كلام مع الموظفين، ثم يأمر السكرتير أو السكرتيرة بان يحضر له كوب من الشاي أو القهوة ويغلق على نفسه الباب، ويبدأ العمل ويصبح عمل السكرتير هنا كعمل الحاجب، ونرجع بالزمن مئات السنين إلى الخلف ونعيد أيام القصور والحاجب والجواري!
ثم يدير مديرنا هذا العمل عن طريق التقارير الورقية التي يكتبها الموظفين ويستهلكون الكثير من الوقت لإنجازها وكتابتها، ويوقع على الكتب والطلبات التي تأتيه بعبرات مقتضبة قصيرة، ويراجع دفاتر الدوام والحضور وكشوف الرواتب ويوقع عليها، ويصبح عمل مديرنا قراءة الأوراق المتكدسة على طاولته والشخبطة عليها بتوقيعه والتفضل بالنظر في طلبات الموظفين والمراجعين، ويتحول عمل المدير من اتخاذ القرارات وتسيير العمل إلى توقيع الأوراق وقراءتها.
هذا المثال نراه بأشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة في مؤسساتنا الحكومية، وينتج عن الإدارة بهذه الطريق اتخاذ قرارات عشوائية أو لنقل لا تصلح للتطبيق على أرض الواقع نتيجة تضاربها مع المتطلبات التي يفرضها الواقع، وكل هذا نتيجة ابتعاد المدراء عن أرض الواقع والانعزال في أبراجهم العاجية.
وهناك علاج بسيط لهذه المشكلة، وعلى بساطة الحل إلا أن الكثير من المدراء يرفضونه لعدة أسباب، والعلاج يكمن في خطوتين صغيرتين، الأولى أن يخصص المدير ساعة واحدة فقط للعمل في مكتبه والتعامل مع الأوراق والشؤون المكتبية، والخطوة الثانية هي أن ينزل لأرض الواقع ويشاهد مجريات العمل مباشرة ويباشر بحل المشاكل واتخاذ القرارات، فالمدراء لا يأخذون الرواتب الكبيرة والعلاوات والمميزات الكثيرة لمجرد الجلوس في المكتب وعمل بعض الأعمال التي ليس لها وزن كبير في إنتاجية المؤسسة، المدراء يحصلون على كل ذلك لحل المشاكل واتخاذ القرارات والتخطيط لمستقبل المؤسسة.
وعندما ينزل المدير لأرض الواقع يجب أن ينزل بدون أن يكون معه من يزين له الواقع فيصرف نظره عن المشاكل الواقعية، يجب أن يسير لوحده ويتعرف على الموظفين من الفراش وحتى نائبه، أعلم أن البعض قد يقول في نفسه: هذا خيال ومثالية زائدة عن الحد، أقول نعم هي كذلك إن لم نطبقها، لأن هذه الوصفة العلاجية الفعالة هي عبارة عن مجموعة من الأخلاق والعادات التي تؤدي وبكل تأكيد إلى علاج معظم المشاكل الإدارية، فالجلوس مع الموظفين الصغار والتحدث معهم ومحاولة علاج المشاكل التي تعوق إنتاجيتهم يتطلب التواضع من المدير، ويتطلب كذلك إزالة الفكرة القائلة بأن المدير لو فعل هذا فإن مكانته تنهار بين الموظفين.
فإن بدأ المدير برؤية سير العمل مباشرة وقام مدراء الأقسام والإدارات بفعل نفس الشيء، فإنهم سيشاهدون الواقع كما هو لا كما هو مكتوب في التقارير الورقة والتي وإن كانت صادقة فإنها لا تعبر عن الواقع تعبيراً وافياً، وعند اكتشاف مشكلة تعوق إنتاجية الموظفين فعلى المدراء هنا أن يتحدثوا مع الموظفين في اجتماعات مرنة وغير رسمية لكي يضع الموظفون العلاج للمشاكل التي تواجههم، وبعد ذلك على المدير أن يشجع على تطبيق الحلول المقترحة من قبل الموظفين أنفسهم ويتابع تنفيذ التغييرات حتى تنتهي المشكلة.
ولا يكفي ذلك، إذ على بقية الأقسام والموظفين أن يتبادلوا الخبرات والأفكار حتى تصبح المؤسسة خلية نحل تهدف إلى تطوير مستويات الأداء دائماً، وإذا ما حدث هذا الأمر فإن المؤسسة ستكون شعلة من النشاط والتعاون، ولن تبقى على وضع ما طويلاً إذ ستتغير وتتبدل وتتطور للأفضل ما دام الاتصال يجري بوضوح وشفافية ومباشرة وما دام المدراء ينزلون إلى أرض الواقع ليشاهدوا ويعايشوا المشاكل مباشرة.
إذن المسألة هي استبدال الفكر الإداري القديم بفكر جديد يركز على الفاعلية لا على العمل الروتيني وتسيير الأعمال بالطريقة التقليدية، يركز على تعزيز التواصل بين الموظفين والإدارة على اختلاف مستوياتهم، يركز على حل المشاكل بطرق وأساليب واقعية لا بعيدة عن أرض الواقع، وهذا هو الأساس النظري الذي نبني عليه التطبيق العملي، وأتمنى أن لا يكون هذا الأساس مجرد ترف فكري نتسلى به.
والتطبيق العملي يكون بخطوات صغيرة متدرجة، فابدأ بالتجول في المؤسسة (إن كنت مديراً طبعاً) لتتعرف على الموظفين، وقم بزيارتهم في مكاتبهم وأماكن عملهم وتعرف على طبيعة أعمالهم ومواقع العمل، وستجد بكل تأكيد بعض المشاكل البسيطة والتي تحتاج إلى حل سريع، قم بحل هذه المشاكل وستجد الدهشة والاستغراب في وجوه الموظفين خصوصاً إن كانت الإدارة من النوع القديم، وشيئاً فشيئاً ستجد أن المشاكل تزداد خصوصاً مع زيادة ثقة الموظفين بك، وهذا ما سيشجعهم على التحدث بصراحة.
إنني أعتقد أن عدم وجود التواصل الصحيح والصريح هو العائق الأكبر في سبيل تطوير أداء أي مؤسسة، كيف هذا؟ لنفصل الأمر قليلاً، تصوروا معي أن مديراً يغلق الباب على نفسه، ويمنع أي نوع من التواصل المباشر بينه وبين الموظفين الواقعين تحت أمرته، وعندما يدخل إلى المؤسسة فإنه يتوجه مباشرة إلى مكتبه من غير سلام أو كلام مع الموظفين، ثم يأمر السكرتير أو السكرتيرة بان يحضر له كوب من الشاي أو القهوة ويغلق على نفسه الباب، ويبدأ العمل ويصبح عمل السكرتير هنا كعمل الحاجب، ونرجع بالزمن مئات السنين إلى الخلف ونعيد أيام القصور والحاجب والجواري!
ثم يدير مديرنا هذا العمل عن طريق التقارير الورقية التي يكتبها الموظفين ويستهلكون الكثير من الوقت لإنجازها وكتابتها، ويوقع على الكتب والطلبات التي تأتيه بعبرات مقتضبة قصيرة، ويراجع دفاتر الدوام والحضور وكشوف الرواتب ويوقع عليها، ويصبح عمل مديرنا قراءة الأوراق المتكدسة على طاولته والشخبطة عليها بتوقيعه والتفضل بالنظر في طلبات الموظفين والمراجعين، ويتحول عمل المدير من اتخاذ القرارات وتسيير العمل إلى توقيع الأوراق وقراءتها.
هذا المثال نراه بأشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة في مؤسساتنا الحكومية، وينتج عن الإدارة بهذه الطريق اتخاذ قرارات عشوائية أو لنقل لا تصلح للتطبيق على أرض الواقع نتيجة تضاربها مع المتطلبات التي يفرضها الواقع، وكل هذا نتيجة ابتعاد المدراء عن أرض الواقع والانعزال في أبراجهم العاجية.
وهناك علاج بسيط لهذه المشكلة، وعلى بساطة الحل إلا أن الكثير من المدراء يرفضونه لعدة أسباب، والعلاج يكمن في خطوتين صغيرتين، الأولى أن يخصص المدير ساعة واحدة فقط للعمل في مكتبه والتعامل مع الأوراق والشؤون المكتبية، والخطوة الثانية هي أن ينزل لأرض الواقع ويشاهد مجريات العمل مباشرة ويباشر بحل المشاكل واتخاذ القرارات، فالمدراء لا يأخذون الرواتب الكبيرة والعلاوات والمميزات الكثيرة لمجرد الجلوس في المكتب وعمل بعض الأعمال التي ليس لها وزن كبير في إنتاجية المؤسسة، المدراء يحصلون على كل ذلك لحل المشاكل واتخاذ القرارات والتخطيط لمستقبل المؤسسة.
وعندما ينزل المدير لأرض الواقع يجب أن ينزل بدون أن يكون معه من يزين له الواقع فيصرف نظره عن المشاكل الواقعية، يجب أن يسير لوحده ويتعرف على الموظفين من الفراش وحتى نائبه، أعلم أن البعض قد يقول في نفسه: هذا خيال ومثالية زائدة عن الحد، أقول نعم هي كذلك إن لم نطبقها، لأن هذه الوصفة العلاجية الفعالة هي عبارة عن مجموعة من الأخلاق والعادات التي تؤدي وبكل تأكيد إلى علاج معظم المشاكل الإدارية، فالجلوس مع الموظفين الصغار والتحدث معهم ومحاولة علاج المشاكل التي تعوق إنتاجيتهم يتطلب التواضع من المدير، ويتطلب كذلك إزالة الفكرة القائلة بأن المدير لو فعل هذا فإن مكانته تنهار بين الموظفين.
فإن بدأ المدير برؤية سير العمل مباشرة وقام مدراء الأقسام والإدارات بفعل نفس الشيء، فإنهم سيشاهدون الواقع كما هو لا كما هو مكتوب في التقارير الورقة والتي وإن كانت صادقة فإنها لا تعبر عن الواقع تعبيراً وافياً، وعند اكتشاف مشكلة تعوق إنتاجية الموظفين فعلى المدراء هنا أن يتحدثوا مع الموظفين في اجتماعات مرنة وغير رسمية لكي يضع الموظفون العلاج للمشاكل التي تواجههم، وبعد ذلك على المدير أن يشجع على تطبيق الحلول المقترحة من قبل الموظفين أنفسهم ويتابع تنفيذ التغييرات حتى تنتهي المشكلة.
ولا يكفي ذلك، إذ على بقية الأقسام والموظفين أن يتبادلوا الخبرات والأفكار حتى تصبح المؤسسة خلية نحل تهدف إلى تطوير مستويات الأداء دائماً، وإذا ما حدث هذا الأمر فإن المؤسسة ستكون شعلة من النشاط والتعاون، ولن تبقى على وضع ما طويلاً إذ ستتغير وتتبدل وتتطور للأفضل ما دام الاتصال يجري بوضوح وشفافية ومباشرة وما دام المدراء ينزلون إلى أرض الواقع ليشاهدوا ويعايشوا المشاكل مباشرة.
إذن المسألة هي استبدال الفكر الإداري القديم بفكر جديد يركز على الفاعلية لا على العمل الروتيني وتسيير الأعمال بالطريقة التقليدية، يركز على تعزيز التواصل بين الموظفين والإدارة على اختلاف مستوياتهم، يركز على حل المشاكل بطرق وأساليب واقعية لا بعيدة عن أرض الواقع، وهذا هو الأساس النظري الذي نبني عليه التطبيق العملي، وأتمنى أن لا يكون هذا الأساس مجرد ترف فكري نتسلى به.
والتطبيق العملي يكون بخطوات صغيرة متدرجة، فابدأ بالتجول في المؤسسة (إن كنت مديراً طبعاً) لتتعرف على الموظفين، وقم بزيارتهم في مكاتبهم وأماكن عملهم وتعرف على طبيعة أعمالهم ومواقع العمل، وستجد بكل تأكيد بعض المشاكل البسيطة والتي تحتاج إلى حل سريع، قم بحل هذه المشاكل وستجد الدهشة والاستغراب في وجوه الموظفين خصوصاً إن كانت الإدارة من النوع القديم، وشيئاً فشيئاً ستجد أن المشاكل تزداد خصوصاً مع زيادة ثقة الموظفين بك، وهذا ما سيشجعهم على التحدث بصراحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق