الاثنين، ٢٦ يناير ٢٠٠٩

الطريق إلى السوبر مان

لماذا تقرأ هذا الكتاب؟

أولا: لأن مترجمه هو العلامة الدكتور أحمد مستجير، وهو من هو، وعندما يهتم بترجمة كتاب فلا بد أن هذا الكتاب سيضيف للمكتبة العربية.

ثانيا: لأن مؤلفه رامز نام، تكنولوجي مشهور اشترك في وضع برنامجين نعرفهما جيدا؛ مايكروسوفت إنترنت إكسبلورر، ومايكروسوفت أوتلوك.

ثالثا: لأن الكتاب يقدم معلومات أولية وبسيطة عن الهندسة الوراثية أو البيولوجية.

ينتصر مؤلف الكتاب للآراء المطالبة بفتح المجال لدعم جهود البحث  العلمي في مجال البيوتكنولوجي وتطبيقاته ليس في مجال الشفاء من الأمراض فقط، ولكن بالأساس في مجال تعزيز قدرات الإنسان الطبيعية.

ينطلق المؤلف من فرضية تقول: “بدلا من الخوف من التغيير ، علينا أن نحتضنه” بدلا من الخوف من الهندسة الوراثية، وبحوث البيوتكنولوجي، علينا دعمها، لإيجاد حلول للأمراض المستعصية، ولتعزيز القدرات البشرية

الأحد، ١١ يناير ٢٠٠٩

العار - د.حسن نافعة

الدول كالأفراد يختلف سلوكها فى المحن والملمات كما فى الحروب والأزمات. ولأن الأوقات الصعبة هى التى تظهر المعادن الحقيقية للبشر، أناسا عاديين كانوا أم قادة وزعماء سياسيين، فمن الطبيعى أن ينتقى كل صانع قرار ما يلائمه من خيارات وبدائل متاحة، وذلك وفق معايير للمفاضلة تختلف بالضرورة من حالة إلى أخرى.
كانت هذه المعانى تسيطر على مشاعرى خلال متابعتى أحداث الحرب القذرة والوحشية التى شنتها إسرائيل على غزة منذ أكثر من أسبوعين، والتى كشف سلوكها الهمجى فيها عن نوازع شريرة وعنصرية لا تليق إلا بشيطان تجرد تماما من كل معانى الشرف والأخلاق والفضيلة. ولأننى لا أستبعد أبداً على هذه الدولة اللقيطة أن تقوم بأى تصرف، مهما كان منافيا لكل القيم السامية، فلم يشكل سلوكها أى مفاجأة بالنسبة لى.
المفاجأة الحقيقية جاءت هذه المرة من مصر الرسمية، والتى بدا سلوكها منحازا لإسرائيل على نحو فاضح. ولا أخفى على القارئ أننى أحسست بأن مصر الرسمية بدت لى فى هذه الأزمة دولة أخرى صغيرة ولا تشرف أحداً. لقد سبق لى أن اختلفت كثيراً مع مواقف رسمية مصرية سابقة لكنها كانت مواقف تعكس سياسة أو رؤية تحتمل الاختلاف أو الاتفاق معها.
أما هذه المرة فلم أحس أبدا أن لدى مصر الرسمية سياسة أو رؤية قابلة للدفاع، وبدت فاقدة لإرادتها ومنقادة على نحو مخجل. ورغم تحفظاتى السابقة فلم أكن أتصور مطلقا أن تصل الأمور يوماً إلى ما وصلت إليه وأن تتجاوز هكذا كل الخطوط الحمراء.
اعتراضى على موقف مصر الرسمى من الأزمة الراهنة، بل وإدانتى له، لا يعنى أبدا تأييدى المطلق لمواقف الدول والأطراف العربية الأخرى، بما فى ذلك موقف حزب الله، أو حتى للسياسة التى انتهجتها حماس منذ فوزها فى الانتخابات التشريعية الأخيرة. فلم أتردد فى توجيه انتقادات مسجلة بالصوت والصورة لمواقف وسياسات دول عربية أخرى، بما فى ذلك مواقف وسياسات ما تسمى بدول «الممانعة»، وتمنيت لو لم يقع رجل أكن له كل الاحترام، كالسيد حسن نصرالله، فى الخطأ الذى وقع فيه حين وجه خطابه إلى الجيش المصرى.
وحين سئلت فى قناة «المنار» نفسها عما إذا كانت زيارة ليفنى لمصر قبل الأزمة تشكل دليلا على وجود تواطؤ من نوع ما مع إسرائيل، استبعدت ذلك ورجحت أن تكون مصر قد سعت لمنع حرب تجمعت لديها معلومات مؤكدة عن قرب وقوعها، لكننى اعترفت فى الوقت نفسه بأن إخفاق مصر فى كبح جماح إسرائيل يعد فى حد ذاته دليلاً على استهتار إسرائيل بالموقف المصرى، وهو ما كان يفرض على مصر أن تستخلص دروسه الصحيحة.
لكن عندما يذهب الأستاذ هيكل إلى حد التأكيد على أن الرئيس مبارك عبر لساركوزى فى لقائهما الأخير بالقاهرة عن رأيه بضرورة عدم السماح لحماس بالانتصار فى هذه الأزمة، يصبح الأمر فى حاجة إلى إعادة نظر. فإذا صح هذا القول، ولا أظن أن شخصاً بوزن هيكل يمكن أن يجازف بتصريح على هذه الدرجة من الخطورة إلا إذا كان واثقا من صحته إلى درجة اليقين. وليس لذلك سوى معنى واحد وهو أن مبارك تصرف فى الأزمة من منطلق أن حماس وليس إسرائيل، هى العدو.. وهذا أمر جلل.
أفهم أن تكون هناك تعقيدات فى علاقة مصر بحماس لأسباب تتعلق بانتماء هذه الأخيرة إلى تيار إسلامى، تعتبره مصر امتدادا لجماعة الإخوان المسلمين. غير أن حماس ليست فصيلا من فصائل المعارضة المصرية، ولا يجب أن تعامل على هذا الأساس، بل تعامل باعتبارها جزءاً لا يتجزأ وامتداداً لحركة وطنية فلسطينية يؤثر مصيرها تأثيراً مباشراً على أمن مصر الوطنى، وتعد ـ دون أى نوع من المبالغة ـ حصناً متقدماً للدفاع عن أمن مصر الوطنى يتعين الحفاظ على مناعته بكل السبل والوسائل الممكنة.
لكن كيف تحول خلاف أيديولوجى مشروع بين مصر وحماس، يتعين العمل على احتوائه والتخفيف من ضرره، إلى قطيعة ثم إلى عداء على هذا النحو؟. هذا هو اللغز الذى يتعين العمل على فك أسراره وطلاسمه.
فمصر تعلم يقينا تفاصيل ما جرى فى غزة، والذى أدى إلى ما تسميه بعض الأوساط الفلسطينية بالانقلاب، ولديها معلومات كاملة عما حدث هناك سواء من خلال فريقها الأمنى، الذى ظل متواجداً فى غزة حتى وقت قريب أو من خلال صلتها المباشرة بطرفى الأزمة. ولا جدال فى أن مصر الرسمية أخطأت خطأ جسيماً بانحيازها الكامل للفريق الآخر، والأرجح أن هذا الانحياز إلى طرف فلسطينى ظاهر كان يخفى فى حقيقته انحيازا لإسرائيل، المحرك الحقيقى للأزمة!.
لم يطلب أحد من مصر أن تعلن الحرب على إسرائيل أو أن تتحلل من التزاماتها بموجب معاهدة «السلام»، لكن من حقنا كمواطنين أن نطالب صانع القرار المصرى بالدفاع عن استقلال مصر وصيانة كرامتها، فليس فى المعاهدة ما يفرض على مصر أن تفرج عن جاسوس إسرائيلى أدانه القضاء فى مصر، بينما يقبع فى سجونها عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين، وليس فى المعاهدة ما يجبر مصر على أن تبيع إسرائيل الغاز بسعر يقل كثيرا عن سعر السوق، بينما لا يجد ملايين الفقراء المصريين ممن يعيشون فى المقابر وفى الأحياء العشوائية أنبوبة غاز بسعر يناسب دخولهم الهزيلة.
والحرص على حسن العلاقة مع الولايات المتحدة ليس معناه إجبار مصر على التزام الصمت تجاه ما تقترفه إسرائيل من جرائم، سواء فى حق الفلسطينيين أو فى حق المصريين أنفسهم. وأظن أن الطيب رجب أردوجان قدم درساً بليغاً فى الطريقة التى يمكن بها لدولة تحترم نفسها أن تحافظ على استقلال قرارها،
رغم ارتباطها بعلاقات خاصة ليس فقط مع الغرب ولكن مع إسرائيل نفسها. فتركيا عضو فى حلف شمال الأطلسى، وتبدو على استعداد لفعل أى شىء مقابل انضمامها للاتحاد الأوروبى، بل وترتبط بعلاقات متينة بإسرائيل وصلت إلى حد القيام بمناورات عسكرية مشتركة. لكن موقف أردوجان صنع الفرق بين دولة تدير علاقاتها الخارجية من منطلق الحرص على استقلالها، وأخرى لم تعد تملك من أمرها شيئا وتتصرف كدولة تابعة ومستجدية.
فما الذى تستجديه مصر الرسميه ياترى؟ وهل يُقبل أن تتخذ موقفاً محايداً، ناهيك عن أن يكون منحازاً، فى أزمة كهذه. هذا هو العار بعينه.
باختصار من مقالة للدكتور حسن نافعة منشورة بالمصر اليوم 11/1/2009
http://www.akhbarak.net/articleview.php?id=1242694