الأحد، ٢٦ ديسمبر ٢٠١٠

المرأة - الماء

المرأة، الكائن الرائع البديع، خلقها رب الكون لتكون السكن والمأوى، ومن أجلها جعل المودة، وأنزل الرحمة من السماء، المرأة الأم، رحمتها بولدها لا يفوقها إلا رحمة المولى بعباده، المرأة الأخت شقيقة الرجل، المرأة الزوجة والحبيبة، المرأة البنت قرة عين أبيها.

خلق الله المرأة كالماء لا يستغني عنه الرجل ما دام حيا، كالماء وطاقاته الكامنة المستقرة ، يجمع قوته قبل أن يتدفق، ساحر في سطحه، ويظل يثير القلق في الأعماق، كالماء في مرونته لا يعيقه عائق، يلتف في انسيابية ونعومة حول الصخور والأشجار والسدود ليواصل رحلته يخصب الأرض فتهتز طربا، النساء كالماء، إنهن ملهمات بحضورهن وحده، وهن ينبوع الحياة، إذ لا يمكن إنجاز شيء يتصف بالدوام دون دعم الأنوثة المرنة والتي تتلاءم مع الظروف، صفاء الماء وشفافيته كصفاء حدس المرأة وحسها السليم، يقودان أعمال الرجال ويصلحانها.

الماء والمرأة وثابان بصورة مرحة وعفويان، النساء عطوفات متفهمات، يغسل الرجل عندهن همومه، فيتطهر، فهمهن الأمومي يطهر من الخجل، فتنبعث الحياة في أعمال الرجال التي أصابها الجفاف.

ولكن، آه من المرأة وآه من الماء، فالماء ينساب ويتسلل في أصغر الشقوق، والنساء يتسللن بمهارة وعبقرية فتجد قلبك أسير النظرة والبسمة.

الماء يحفر الحجارة القاسية ببطء وصبر، والنساء يتغلبن على جميع العقبات بصبرهن ودأبهن، في صمت حتى تنهار طاقة أولئك الذين يقاومونهن، وينتهي به الأمر محاصرا، كأنه جزيرة في قلب المحيط، لو تململ يغرق وينجذب إلى القاع في دوامات من الماء.

الماء هو رمز المرأة الذي يتصف بأنه أكثر كلاسيكية، وأكثر لصوقاً، وأكثر واقعية على الغالب، فثمة خصاص أنثوية عديدة، إيجابية أو سلبية، تجعل المرء يفكر مباشرة بالماء

الاثنين، ٦ ديسمبر ٢٠١٠

صبحة الراح-طاهر أبو فاشا

يا صحبة الراح أهل الراح هل حانوا
وهل تغنت علي أيامها الــحان
صبا النّدامى و ما في الحان ألحان
***
في كأس عمري بقايا من يشاربني
ومن يطارحني و العيش ريحان
ثمالة من دموع الشّجو ألوان
إبريقها راح يبكي وهو فرحان
ثمالة آه لو فاضت وآه اذا غاضت
وواها لها و القلب لهفـــان
عهدي بها و كوؤس الصّفو مترعة
بهن طاف على السكرىّ سُكيرانُ
لا يشرب الراح إلا أنه ثمـــل
نشوان و الكأس في كفيه نشوان
***
ترى تعود الليالي و الهوى معنا
يا غربة الكاس ما للكاس نُدمانُ

من ديوان "راهب الليل"
للشاعر/ طاهر أبو فاشا

حانة الأقدار - طاهر أبو فاشا

حانة الاقدار عربدت فيها لياليها ... ودارالنـور والهـوى صاحـى
هذه الازهار كيف نسقيها وساقيها ... بها مخمووور كيف يـا صـاح
سألت عن الحب أهـل الهـوى ... سقاة الدمـوع ندامـى الجـوى
قالـوا حنانـك مـن شـجـوه ... ومـن جـده بــك أو لـهـوه
ومـن كـدر الليـل أو صفـوه ... سلي الطير إن شئت عن شـدوه
ففـى شـدوه همسـات الهـوى ... وبرح الحنين وشـرح الجـوى
ورحت الى الطير أشكو الهـوى ... وأسألـه ســر ذاك الـجـوى
فقـال : حنانـك مـن جمـره ... ومـن نهيـه فيـك أو امــره
ومن صحـو ساقيـه او سكـره ... سلى الليل إن شئت عـن سـره
ففى الليل يبعـث أهـل الهـوى ... وفى الليل يكمن سـر الجـوى
ولما طوانى الدجـى والجـوى ... لقيت الهوى وعرفـت الهـوى
ففـى حانـة الليـل خـمـاره ... وتلـك النجيـمـات سـمـاره
وهمـس النسـائـم أســراره ... وتحـت خيـام الدجـى نـاره
وفى كل شيـء يلـوح الهـوى ... ولكن لمـن ذاق طعـم الهـوى


كلمات: طاهر ابو فاشا

الخميس، ٢ ديسمبر ٢٠١٠

في هيكل الحب، أبو القاسم الشابي

عـذبة أنـت كـالطفولة كالأحلام
كـاللـحن كـالـصباح الـجـديد
كالسَّماء الضَّحُوكِ كاللَّيلَةِ القمراءِ
كـالـوردِ كـابـتسامِ الـولـيدِ
يـا لـها مِـنْ وَداعـةٍ وجـمالٍ
وشَــبـابٍ مُـنـعَّـمٍ أُمْـلُـودِ
يـا لها من طهارةٍ تبعثُ التَّقديسَ
فــي مـهـجَةِ الـشَّقيِّ الـعنيدِ
يـا لـها رقَّـةً تَـكادُ يَرفُّ الوَرْدُ
مـنها فـي الـصَّخْرَةِ الـجُلْمودِ
أَيُّ شـيءٍ تُـراكِ هلْ أَنْتِ فينيسُ
تَـهادتْ بَـيْنَ الـوَرَى مِنْ جديدِ
لـتُعيدَ الـشَّبابَ والفرحَ المعسولَ
لـلـعـالمِ الـتَّـعيسِ الـعـميدِ
أَم ملاكُ الفردوس جاءَ إلى الأَرضِ
لـيُـحيي روحَ الـسَّلامِ الـعهيدِ

الثلاثاء، ٣٠ نوفمبر ٢٠١٠

إدارة الأولويات في الحياة

"نادرا ما يتطلب العمل المهم أن تقوم به اليوم أو حتى خلال الأسبوع الحالي، فقط المهام العاجلة هي التي تتطلب أن تقوم بها فورا"
تشارلز هامل- مؤلف
يتطلب النجاح في الحياة التركيز على الأمور والمهام الهامة بدلا من التركيز ، بل والانشغال كليا، في الأمور والمهام العاجلة ، وهذا هو مفتاح التحكم في الحياة، والقدرة على إدارة الوقت بما يحقق الأهداف ، ويخلق الشعور بالإنجاز، ليس هذا فقط ولكنه يجعل الحياة ذات قيمة ومعنى، وليست مجرد حياة، إنها الحياة بامتلاء، حيث يشعر المرء بالسعادة.
تكتسب الأمور والأفعال أهميتها من مدى مساهمتها في تحقيق الأهداف التي نسعى إليها، فهناك أفعال غير هامة، إنها فقط تشتت انتباهنا، وتبدد طاقتنا، وهذه الأفعال من السهل اكتشافها وتجنبها، والنجاح الحقيقي هو في ترتيب الأفعال والمهام المطلوبة من حيث أهميتها، لتكون الأولوية في الإنجاز للأهم ثم الأقل أهمية.وهو ما يقودنا لأهمية تحديد الرسالة الشخصية أو الدور الذي علينا أن نقوم به في الحياة، ثم بناء الرؤية الشخصية، أو ما الذي نريد أن نكونه بعد مضي عشر سنوات مثلا.
الرسالة mission أو المهمة أو الدور هي البوصلة التي تقود سفينة الحياة، وكل إنسان له رسالة فهو عظيم، وبدونها يتعرض لهزات اجتماعية، وعلى كل منا أن يتوقف قليلا ليفكر في رسالته، ويصوغها في كلمات قليلة تشتمل على معان كثيرة، ويكتبها في ورقة ويضعها في مكان بارز يتيح له الاطلاع عليها بشكل متكرر، حتى تكون دائما نصب عينيه توجهه في كل حركاته وسكناته، وتهدي شراعه في بحر الحياة الزاخر.
ثم يأتي دور الرؤية الشخصية ، وهي ترجمة الرسالة في أهداف تتجدد، فالرسالة مستمرة والرؤية متجددة، والأهداف منها الأهداف طويلة المدى (الإستراتيجية) والتي يتطلب تنفيذها مدة ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، مثل الحصول على درجة علمية كالماجستير أو الدكتوراة، وأهداف متوسطة المدى تنفذ في عام أو عامين، وأهداف قصيرة المدى تنتهي في شهر أو عدة شهور.
وقبل التخطيط ووضع الأهداف لا بد من تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والمخاطر، أو ما يطلق عليه SWOT Analysis اختصارا لكلمات Strengths , Weaknesses, Opportunities and Threats هو أحد أشهر أدوات التخطيط، ويستخدم في إيجاد بدائل وخيارات إستراتيجية، وتحليل نقاط القوة والضعف هو تحليل داخلي لعناصر القوة والمميزات التي يمتلكها الشخص ليعرف كيف يستفيد منها ويعظم من دورها في حياته، وكذلك نقاط الضعف لمعالجتها أو على الأقل تجنب تأثيرها على نجاحه، أما الفرص والمخاطر فهي العوامل الخارجية المواتية والمعاكسة في البيئة المحيطة والتي لا يمكن السيطرة عليها، ولكنها تؤثر على فرصة تحقيق الأهداف.
ويجب أن تكون الأهداف الموضوعة محددة بشكل واضح حتى يمكن قياس ما تحقق منها، كما يجب أن تكون أهدافا يمكن الوصول إليها من خلال قدراتنا وإمكانياتنا حتى لا نصاب باليأس والإحباط إن لم تتحقق ، ولا يعني هذا بالضرورة أن نضع أهداف بسيطة بل يجب أن تكون الأهداف مما يستنفر طاقتنا ويشعل رغبة التحدي حتى يكون للنجاح في تحقيقها مذاقا مميزا، ونشعر بلذة ونشوة الإنجاز، كما يجب أن تكون الأهداف واقعية غير غارقة في الخيال، ويجب أن يوضع إطار زمني للوصول لهذه الأهداف، والأهم من كل هذا أن يتم صياغة الأهداف في جمل بسيطة إيجابية وكتابتها.
تمت صياغة الرسالة والرؤية والأهداف وكتابتها ليبدأ التخطيط والتنفيذ، ولتكن الأولوية للأمور الهامة والتي تحقق أهدافنا، ويحذر الوقوع في شرك الأمور العاجلة غير الهامة، وكل الأنشطة هي واحدة من أربعة حسب أهميتها وعاجليتها:
1- أنشطة هامة وعاجلة، وهذه الأنشطة قليلة نسبيا، فالعناية بمريض من أفراد الأسرة هو عمل مهم و طارئ أيضا.
2- أنشطة هامة وغير عاجلة، وهذه الأنشطة هي ما يستحق أن نفكر فيه وأن نخطط له، وهي مجال إبداع الناجحين.
3- أنشطة عاجلة غير هامة، وتشمل معظم الأعمال الروتينية اليومية، وهي أنشطة مستهلكة للوقت.
4- أنشطة غير هامة وغير عاجلة ، وهي أنشطة الطاقات المهدرة، والحياة بلا هدف ولا معنى.
إن النجاح في تنفيذ الخطة يستلزم الحزم في ترتيب الأولويات وفي تطبيق هذه الأهداف، فلا تأجيل، إننا نفشل في تحقيق الخطة عندما تشغلنا الأنشطة العاجلة غير الهامة، أو عندما نسيء تقدير أولوياتنا فننشغل بالأقل أهمية عن الأهم. كما يتطلب تقييم الأداء للوقوف على نقاط الضعف في الخطة ، والتي يجب أن نتحلى بالمرونة الكافية لتعديلها بما يحقق أهدافنا، كما يفيد تقييم الأداء في معرفة الإنجازات التي تحقق، وهنا يجب أن نكافئ أنفسنا وأن نشعر بالفخر والاعتزاز بما حققناه، ليكون دافعا لمزيد من النجاحات والإنجازات.

المراجع
كيف تخطط لحياتك، دكتور صلاح الراشد
الأمور الأهم أولا، ستيفن كوفي

الأحد، ٢٨ نوفمبر ٢٠١٠

المؤنسة، قيس بن الملوح

تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا*** وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا

فَيا لَيلَ كَم مِن حاجَةٍ لي مُهِمَّةٍ *** إِذا جِئتُكُم بِاللَيلِ لَم أَدرِ ماهِيا

وَقَد يَجمَعُ اللَهُ الشَتيتَينِ بَعدَما *** يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَن لا تَلاقِيا
لَحى اللَهُ أَقواماً يَقولونَ إِنَّنا *** وَجَدنا طَوالَ الدَهرِ لِلحُبِّ شافِيا

وَلَم يُنسِني لَيلى اِفتِقارٌ وَلا غِنىً *** وَلا تَوبَةٌ حَتّى اِحتَضَنتُ السَوارِيا

أَعُدُّ اللَيالي لَيلَةً بَعدَ لَيلَةٍ *** وَقَد عِشتُ دَهراً لا أَعُدُّ اللَيالِيا
وَأَخرُجُ مِن بَينِ البُيوتِ لَعَلَّني *** أُحَدِّثُ عَنكِ النَفسَ بِاللَيلِ خالِيا
أَراني إِذا صَلَّيتُ يَمَّمتُ نَحوَها *** بِوَجهي وَإِن كانَ المُصَلّى وَرائِيا
وَما بِيَ إِشراكٌ وَلَكِنَّ حُبَّها *** وَعُظمَ الجَوى أَعيا الطَبيبَ المُداوِيا
أُحِبُّ مِنَ الأَسماءِ ما وافَقَ اِسمَها *** أَوَ اِشبَهَهُ أَو كانَ مِنهُ مُدانِيا

أَلا أَيُّها الواشي بِلَيلى أَلا تَرى *** إِلى مَن تَشيها أَو بِمَن جِئتُ واشِيا
عَلى مِثلِ لَيلى يَقتُلُ المَرءُ نَفسَهُ *** وَإِن كُنتُ مِن لَيلى عَلى اليَأسِ طاوِيا

10 Ways to Improve Your Day

Stress has become a huge problem for a lot of people in the world today. Burn-outs, which were once rare, have now become a regular occurrence. People seem to be in a hurry to do a lot more things at once, office exerts a lot of pressure on them, and balancing home and family with all these things takes a toll. So we put together a bunch of tips for you, to help you fight stress and improve the quality of your life.

Let’s look at some ways of finding joy in our day-to-day life.

  1. Be Positive – A lot of people mistake their own pessimism as ‘being realistic’. Fortunately, the frame of mind we carry throughout our day is entirely under our control. Being in a positive state of mind is something you can easily do for yourself. Find joys in the little things and you will soon realize how much better you feel through your day.
  2. Love Your Job – If you do not love your job, look for one that you will as soon as possible. As many excuses as you can come up with to stay in your current job, it cannot be a substitute for a truly fulfilling career. The main reason for stress is being discontent with the current job. So walk into your office with a smile. Love your job.
  3. Your Spouse – Spend time with your spouse, not only in the evening, but also in the morning if possible. Having the morning cuppa together or having a pleasant morning walk can do wonders for your mood for the day. This will also go a long way in bringing you closer to your spouse too!
  4. Exercise – Exercise can be the perfect solution to bring that spark back into your life. Not only will it make you feel physically charged, your mood will be quite elevated through the day! Exercise makes oxygen supply and blood circulation more efficient and releases chemicals in your body that make you feel better.
  5. Take Breaks – Taking enough breaks during your job is essential. A lot of people work for hours together so that they can meet deadlines, but this in fact burns you out faster. Be realistic when setting deadlines with your boss. Do not take on projects which will surely be delayed, unless you can complete them comfortably.
  6. Relax on Weekends – A lot of people party from Friday evening to Sunday evening, to make up for the rest of the week. This can be extremely harmful and could even be fatal if overdone. The weekend is a perfect opportunity to relax and unwind, so do exactly that. Spend time with the family or just go out somewhere. Go for the occasional party but make sure you get adequate rest.
  7. Meditate – If you feel that work is taking a toll on you, you should meditate. Meditation can be done anywhere, anytime; some people even meditate while commuting. But the best time to meditate is early in the morning, when it is easier to connect with your inner self. Use the silence to find peace. Meditating can improve your blood circulation, and will also make you more patient and focused.
  8. Eat Properly – Bad eating habits combined with a hectic job can spell doom for your system. Make sure you put in an effort to eat healthy food on time, in adequate quantities. Never let your job disturb your meal timings. Eat on time, and try and take a walk after lunch to aid digestion. Eating junk food and having too much coffee, tea or cigarettes can give you acidity, heartburn, and in some cases even cause insomnia.
  9. Balance Work and Home – A lot of people work hard so that they can give monetary benefits and creature comforts to their kids, but you may be, in fact, doing a lot of damage to your kids. Children NEED their parents while growing up; being away perennially leaves them feeling insecure and then depending on crutches like bad friends and drugs, later on. So balance home and work. And if ever you have to choose, choose your family and home. Because a new job is always available.
  10. Be Disciplined – And the golden mantra for avoiding chaos and stress at the workplace, is to be disciplined. Being disciplined, organized and systematic can really make you more relaxed. Be the best at your job and you will learn to love it. This will also translate into more rewards from your career!

So go ahead and face work with these ten tips to stay cool. The trick is to mix work and play!


الثلاثاء، ٢٣ مارس ٢٠١٠

كلام أعجبني

يــا جـاعل العلـم لـه بازيـا       يصطـاد أمـوال المسـاكين
احـــتلت للدنيـــا ولذاتهـــا       بحيلــــة تـــذهب بـــالدين
فصـرت مجنونـا بهـا بعدمـا       كــــــنت دواء للمجـــــانين
تقــول: أكرهت، فمـاذا كـذا       زل حمار العلم في الطين
لا تبــــع الــــدين بالدنيــــا كمـا       يفعـل ضلال الرهابين

عبدالله بن المبارك

الثلاثاء، ١٢ يناير ٢٠١٠

مهنس ومدير

هل أنت مدير أم مهندس؟
يحكى أن رجلا كان يركب بالونا هوائيا، لاحظ أنه قد ضل الطريق، فهبط قليلا حتى اقترب من الأرض. وإذ رأى سيدة في الأسفل .. فنادى عليها بصوت عال ٍ:
"أريد أن أسألك سؤالا: لقد قطعت وعدا لأحد زملائي بأني سأقابله، وتأخرت عن موعدي ساعة كاملة، وأنا لا أعلم أين أنا، يبدو أنني قد تهت. فهل يمكنك أن تخبريني أين أنا الآن؟ "
رفعت السيدة رأسها وأجابت:
"حسناً. أنت الآن فعليا داخل بالون يعلو عن سطح الأرض 10 أمتار. وجغرافيا أنت بين 40 و 41 درجة شمال عرض، و 59 و60 درجة غرب طول".
فصاح بها الرجل:
"ما هذا الذي تقولينه، فأنا لم أفهم شيئا!".
فأجابت:
"انظر إلى المؤشرات الموجودة في البالون وستفهم" ...
فنظر الرجل، ثم قال لها:
"حسنا هذه الأرقام موجودة بالفعل. هل أنت مهندسة؟"
فأجابت:
"نعم. كيف عرفت؟".
فرد قائلا:
"لأن المعلومات التي أخبرتني بها صحيحة، ولكنها غير مفيدة. فأنا لا أختبر قدراتك الهندسية. إنما أريد أن أعرف أين أنا. أرجوك! ألا تستطيعين الإجابة عن هذه السؤال البسيط دون استعراض أو تظاهر بالذكاء؟".
نظرت إليه السيدة وقالت:
هل أنت مدير؟".
فأجابها الرجل:
"بالفعل. كيف عرفت ذلك؟".
قالت: لأنك لا تعلم أين أنت ولا إلى أين أنت ذاهب.
ولأنك لم تصل مكانك إلا بفعل قليل من الهواء الساخن.
ولأنك قطعت وعدًا على نفسك ولا تعلم كيف ستفي به.
ولأنك تتوقع ممن هم تحتك أن يطيعوك ويحلوا لك مشكلاتك.

على باب المدير [عبد الله المهيري]

الاتصال والتواصل بين الموظفين والإدارة على اختلاف المستويات من الأمور ا لهامة التي تخص بيئة العمل.
إنني أعتقد أن عدم وجود التواصل الصحيح والصريح هو العائق الأكبر في سبيل تطوير أداء أي مؤسسة، كيف هذا؟ لنفصل الأمر قليلاً، تصوروا معي أن مديراً يغلق الباب على نفسه، ويمنع أي نوع من التواصل المباشر بينه وبين الموظفين الواقعين تحت أمرته، وعندما يدخل إلى المؤسسة فإنه يتوجه مباشرة إلى مكتبه من غير سلام أو كلام مع الموظفين، ثم يأمر السكرتير أو السكرتيرة بان يحضر له كوب من الشاي أو القهوة ويغلق على نفسه الباب، ويبدأ العمل ويصبح عمل السكرتير هنا كعمل الحاجب، ونرجع بالزمن مئات السنين إلى الخلف ونعيد أيام القصور والحاجب والجواري!
ثم يدير مديرنا هذا العمل عن طريق التقارير الورقية التي يكتبها الموظفين ويستهلكون الكثير من الوقت لإنجازها وكتابتها، ويوقع على الكتب والطلبات التي تأتيه بعبرات مقتضبة قصيرة، ويراجع دفاتر الدوام والحضور وكشوف الرواتب ويوقع عليها، ويصبح عمل مديرنا قراءة الأوراق المتكدسة على طاولته والشخبطة عليها بتوقيعه والتفضل بالنظر في طلبات الموظفين والمراجعين، ويتحول عمل المدير من اتخاذ القرارات وتسيير العمل إلى توقيع الأوراق وقراءتها.
هذا المثال نراه بأشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة في مؤسساتنا الحكومية، وينتج عن الإدارة بهذه الطريق اتخاذ قرارات عشوائية أو لنقل لا تصلح للتطبيق على أرض الواقع نتيجة تضاربها مع المتطلبات التي يفرضها الواقع، وكل هذا نتيجة ابتعاد المدراء عن أرض الواقع والانعزال في أبراجهم العاجية.
وهناك علاج بسيط لهذه المشكلة، وعلى بساطة الحل إلا أن الكثير من المدراء يرفضونه لعدة أسباب، والعلاج يكمن في خطوتين صغيرتين، الأولى أن يخصص المدير ساعة واحدة فقط للعمل في مكتبه والتعامل مع الأوراق والشؤون المكتبية، والخطوة الثانية هي أن ينزل لأرض الواقع ويشاهد مجريات العمل مباشرة ويباشر بحل المشاكل واتخاذ القرارات، فالمدراء لا يأخذون الرواتب الكبيرة والعلاوات والمميزات الكثيرة لمجرد الجلوس في المكتب وعمل بعض الأعمال التي ليس لها وزن كبير في إنتاجية المؤسسة، المدراء يحصلون على كل ذلك لحل المشاكل واتخاذ القرارات والتخطيط لمستقبل المؤسسة.
وعندما ينزل المدير لأرض الواقع يجب أن ينزل بدون أن يكون معه من يزين له الواقع فيصرف نظره عن المشاكل الواقعية، يجب أن يسير لوحده ويتعرف على الموظفين من الفراش وحتى نائبه، أعلم أن البعض قد يقول في نفسه: هذا خيال ومثالية زائدة عن الحد، أقول نعم هي كذلك إن لم نطبقها، لأن هذه الوصفة العلاجية الفعالة هي عبارة عن مجموعة من الأخلاق والعادات التي تؤدي وبكل تأكيد إلى علاج معظم المشاكل الإدارية، فالجلوس مع الموظفين الصغار والتحدث معهم ومحاولة علاج المشاكل التي تعوق إنتاجيتهم يتطلب التواضع من المدير، ويتطلب كذلك إزالة الفكرة القائلة بأن المدير لو فعل هذا فإن مكانته تنهار بين الموظفين.
فإن بدأ المدير برؤية سير العمل مباشرة وقام مدراء الأقسام والإدارات بفعل نفس الشيء، فإنهم سيشاهدون الواقع كما هو لا كما هو مكتوب في التقارير الورقة والتي وإن كانت صادقة فإنها لا تعبر عن الواقع تعبيراً وافياً، وعند اكتشاف مشكلة تعوق إنتاجية الموظفين فعلى المدراء هنا أن يتحدثوا مع الموظفين في اجتماعات مرنة وغير رسمية لكي يضع الموظفون العلاج للمشاكل التي تواجههم، وبعد ذلك على المدير أن يشجع على تطبيق الحلول المقترحة من قبل الموظفين أنفسهم ويتابع تنفيذ التغييرات حتى تنتهي المشكلة.
ولا يكفي ذلك، إذ على بقية الأقسام والموظفين أن يتبادلوا الخبرات والأفكار حتى تصبح المؤسسة خلية نحل تهدف إلى تطوير مستويات الأداء دائماً، وإذا ما حدث هذا الأمر فإن المؤسسة ستكون شعلة من النشاط والتعاون، ولن تبقى على وضع ما طويلاً إذ ستتغير وتتبدل وتتطور للأفضل ما دام الاتصال يجري بوضوح وشفافية ومباشرة وما دام المدراء ينزلون إلى أرض الواقع ليشاهدوا ويعايشوا المشاكل مباشرة.
إذن المسألة هي استبدال الفكر الإداري القديم بفكر جديد يركز على الفاعلية لا على العمل الروتيني وتسيير الأعمال بالطريقة التقليدية، يركز على تعزيز التواصل بين الموظفين والإدارة على اختلاف مستوياتهم، يركز على حل المشاكل بطرق وأساليب واقعية لا بعيدة عن أرض الواقع، وهذا هو الأساس النظري الذي نبني عليه التطبيق العملي، وأتمنى أن لا يكون هذا الأساس مجرد ترف فكري نتسلى به.
والتطبيق العملي يكون بخطوات صغيرة متدرجة، فابدأ بالتجول في المؤسسة (إن كنت مديراً طبعاً) لتتعرف على الموظفين، وقم بزيارتهم في مكاتبهم وأماكن عملهم وتعرف على طبيعة أعمالهم ومواقع العمل، وستجد بكل تأكيد بعض المشاكل البسيطة والتي تحتاج إلى حل سريع، قم بحل هذه المشاكل وستجد الدهشة والاستغراب في وجوه الموظفين خصوصاً إن كانت الإدارة من النوع القديم، وشيئاً فشيئاً ستجد أن المشاكل تزداد خصوصاً مع زيادة ثقة الموظفين بك، وهذا ما سيشجعهم على التحدث بصراحة.