الثلاثاء، ٣٠ نوفمبر ٢٠١٠

إدارة الأولويات في الحياة

"نادرا ما يتطلب العمل المهم أن تقوم به اليوم أو حتى خلال الأسبوع الحالي، فقط المهام العاجلة هي التي تتطلب أن تقوم بها فورا"
تشارلز هامل- مؤلف
يتطلب النجاح في الحياة التركيز على الأمور والمهام الهامة بدلا من التركيز ، بل والانشغال كليا، في الأمور والمهام العاجلة ، وهذا هو مفتاح التحكم في الحياة، والقدرة على إدارة الوقت بما يحقق الأهداف ، ويخلق الشعور بالإنجاز، ليس هذا فقط ولكنه يجعل الحياة ذات قيمة ومعنى، وليست مجرد حياة، إنها الحياة بامتلاء، حيث يشعر المرء بالسعادة.
تكتسب الأمور والأفعال أهميتها من مدى مساهمتها في تحقيق الأهداف التي نسعى إليها، فهناك أفعال غير هامة، إنها فقط تشتت انتباهنا، وتبدد طاقتنا، وهذه الأفعال من السهل اكتشافها وتجنبها، والنجاح الحقيقي هو في ترتيب الأفعال والمهام المطلوبة من حيث أهميتها، لتكون الأولوية في الإنجاز للأهم ثم الأقل أهمية.وهو ما يقودنا لأهمية تحديد الرسالة الشخصية أو الدور الذي علينا أن نقوم به في الحياة، ثم بناء الرؤية الشخصية، أو ما الذي نريد أن نكونه بعد مضي عشر سنوات مثلا.
الرسالة mission أو المهمة أو الدور هي البوصلة التي تقود سفينة الحياة، وكل إنسان له رسالة فهو عظيم، وبدونها يتعرض لهزات اجتماعية، وعلى كل منا أن يتوقف قليلا ليفكر في رسالته، ويصوغها في كلمات قليلة تشتمل على معان كثيرة، ويكتبها في ورقة ويضعها في مكان بارز يتيح له الاطلاع عليها بشكل متكرر، حتى تكون دائما نصب عينيه توجهه في كل حركاته وسكناته، وتهدي شراعه في بحر الحياة الزاخر.
ثم يأتي دور الرؤية الشخصية ، وهي ترجمة الرسالة في أهداف تتجدد، فالرسالة مستمرة والرؤية متجددة، والأهداف منها الأهداف طويلة المدى (الإستراتيجية) والتي يتطلب تنفيذها مدة ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، مثل الحصول على درجة علمية كالماجستير أو الدكتوراة، وأهداف متوسطة المدى تنفذ في عام أو عامين، وأهداف قصيرة المدى تنتهي في شهر أو عدة شهور.
وقبل التخطيط ووضع الأهداف لا بد من تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والمخاطر، أو ما يطلق عليه SWOT Analysis اختصارا لكلمات Strengths , Weaknesses, Opportunities and Threats هو أحد أشهر أدوات التخطيط، ويستخدم في إيجاد بدائل وخيارات إستراتيجية، وتحليل نقاط القوة والضعف هو تحليل داخلي لعناصر القوة والمميزات التي يمتلكها الشخص ليعرف كيف يستفيد منها ويعظم من دورها في حياته، وكذلك نقاط الضعف لمعالجتها أو على الأقل تجنب تأثيرها على نجاحه، أما الفرص والمخاطر فهي العوامل الخارجية المواتية والمعاكسة في البيئة المحيطة والتي لا يمكن السيطرة عليها، ولكنها تؤثر على فرصة تحقيق الأهداف.
ويجب أن تكون الأهداف الموضوعة محددة بشكل واضح حتى يمكن قياس ما تحقق منها، كما يجب أن تكون أهدافا يمكن الوصول إليها من خلال قدراتنا وإمكانياتنا حتى لا نصاب باليأس والإحباط إن لم تتحقق ، ولا يعني هذا بالضرورة أن نضع أهداف بسيطة بل يجب أن تكون الأهداف مما يستنفر طاقتنا ويشعل رغبة التحدي حتى يكون للنجاح في تحقيقها مذاقا مميزا، ونشعر بلذة ونشوة الإنجاز، كما يجب أن تكون الأهداف واقعية غير غارقة في الخيال، ويجب أن يوضع إطار زمني للوصول لهذه الأهداف، والأهم من كل هذا أن يتم صياغة الأهداف في جمل بسيطة إيجابية وكتابتها.
تمت صياغة الرسالة والرؤية والأهداف وكتابتها ليبدأ التخطيط والتنفيذ، ولتكن الأولوية للأمور الهامة والتي تحقق أهدافنا، ويحذر الوقوع في شرك الأمور العاجلة غير الهامة، وكل الأنشطة هي واحدة من أربعة حسب أهميتها وعاجليتها:
1- أنشطة هامة وعاجلة، وهذه الأنشطة قليلة نسبيا، فالعناية بمريض من أفراد الأسرة هو عمل مهم و طارئ أيضا.
2- أنشطة هامة وغير عاجلة، وهذه الأنشطة هي ما يستحق أن نفكر فيه وأن نخطط له، وهي مجال إبداع الناجحين.
3- أنشطة عاجلة غير هامة، وتشمل معظم الأعمال الروتينية اليومية، وهي أنشطة مستهلكة للوقت.
4- أنشطة غير هامة وغير عاجلة ، وهي أنشطة الطاقات المهدرة، والحياة بلا هدف ولا معنى.
إن النجاح في تنفيذ الخطة يستلزم الحزم في ترتيب الأولويات وفي تطبيق هذه الأهداف، فلا تأجيل، إننا نفشل في تحقيق الخطة عندما تشغلنا الأنشطة العاجلة غير الهامة، أو عندما نسيء تقدير أولوياتنا فننشغل بالأقل أهمية عن الأهم. كما يتطلب تقييم الأداء للوقوف على نقاط الضعف في الخطة ، والتي يجب أن نتحلى بالمرونة الكافية لتعديلها بما يحقق أهدافنا، كما يفيد تقييم الأداء في معرفة الإنجازات التي تحقق، وهنا يجب أن نكافئ أنفسنا وأن نشعر بالفخر والاعتزاز بما حققناه، ليكون دافعا لمزيد من النجاحات والإنجازات.

المراجع
كيف تخطط لحياتك، دكتور صلاح الراشد
الأمور الأهم أولا، ستيفن كوفي

ليست هناك تعليقات: